توقعاتنا تصنع «تفاهة النساء» من حولنا


لماذا تختلف الأنثى الغربية عن الأنثى العربية؟

توقعاتنا تصنع «تفاهة النساء» من حولنا
مقال بقلم د . عمار بكار مقال مش محتاج تعليق يعني قال كل حاجه نفسي أقولها

يوجد في الجامعات الغربية أقسام متخصصة للدراسات الأنثوية
Feminism Research
وهذه الأقسام تعالج قضايا المرأة على اختلافها، وتتنوع هذه الأقسام في اتجاهها الأيديولوجي من معتدل يركز على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة مع مراعاة الفروق ويتفاءل بالواقع الحالي إلى متطرف يعلن غضبه على واقع المرأة ويطالب بالمساواة «المطلقة» بين الرجال والنساء.

ولعل من أهم القضايا التي تركز عليها هذه الأقسام في دراساتها على تنوع اتجاهاتها الفكرية هي مايرتبط بأدوار الرجل وأدوار المرأة
Gender Roles
والتي تتمثل في محاولة فهم دور شرائح الذكور والإناث في المجتمع والأسرة ومختلف المؤسسات مثل المؤسسة الأكاديمية والمؤسسة الدينية وغيرها، أو بمعنى آخر كيف يختلف الرجل عن المرأة في مختلف الظروف الاجتماعية في بلد ما.

إحدى أهم النظريات التي تستند إليها هذه الدراسات هي نظرية تربط شخصية المرأة والرجل بتوقعات المجتمع، فالمرأة، شأنها شأن الرجل، تتأثر بعمق بما يتوقعه الآخرون منها من حولها، فإن كانت المرأة قد تربت منذ طفولتها على أمور معينة مرتبطة بهويتها كامرأة فإنها ستميل في مراهقتها وشبابها ونضوجها لأن تنمو ضمن هذه التوقعات وأن ترتبط بها. فمثلًا إذا كانت الأسرة والمجتمع تتوقع من المرأة أن تكون «ربة بيت» ماهرة، فشاهدت والدتها تفعل ذلك، بينما شاهدت والدها جالسًا على الأريكة في البيت يشاهد التلفزيون ويشرب الأرجيلة، والأم تركض من مكان إلى آخر لخدمته، ورأت أخوها يلعب مع أصدقائه في الشارع بينما الفتيات في البيت يعملن بجد في المطبخ فإن الفتاة ستنمو وقد عرفت هويتها كأنثى على أنها ربة بيت، بينما الرجل هو الشخص الآمر الناهي الذي تخدمه ربة البيت. هذا لا يعني طبعا أنها ستلتزم بهويتها هذه، ولكنها حتى حين تتمرد على هذه الهوية، فهي تعيش حالة تمرد، تصاحبها في الغالب تمرد على كل ما تراه في أعماقها على أنه يحدد شخصيتها كامرأة، كما يصاحبه اضطرابات نفسية واجتماعية متعددة.

بعض الدراسات «المتطرفة» ترى أن هذه القضية تؤثر على كل فروق الرجل والمرأة، وإلا فإن الأصل أن الرجل والمرأة متساويان تمامًا في الاهتمامات والتفكير حتى في البناء الفسيولوجي (الجسدي)، ولايفرق بينهما إلا النشأة الأولى بناء على «التوقعات الاجتماعية
»وتستدل هذه الدراسات بالقبائل البدائية التي تحكمها النساء، بينما الرجال يقومون بالأعمال اليومية المنزلية، مما جعل للمرأة طباعًا نفسية وبنية جسدية أشبه ما تكون بالرجل، وجعل للرجل في تلك القبائل طباعًا نفسية وبنية جسدية أشبه ما تكون بالمرأة.

وماذا عنا نحن؟

أرى أن هذه النظريات –بعد تصفيتها من الاتجاهات الأيديولوجية الغربية- مهمة جدًا لفهم واقع المرأة في العالم الإسلامي والعربي ودراسة تحسين هذه الحال، فالتوقعات الاجتماعية للمرأة في عالمنا العربي سبب في كثير من المشكلات التي تعانيها المرأة، والتوقعات الاجتماعية للمرأة في الغرب سبب في كثير من النجاحات التي حققتها المرأة هناك. بمعنى آخر، إذا أردنا لنساء العرب أن يصبحن أكثر تقدمًا في مجالات العلم وأكثر جدية في شؤون حياتهن وأكثر قدرة على إدارة الأمور وتطوير مستواهن وأكثر مناعة لإغراءات الرجل الاستغلالية وأكثر ذكاء وأكثر مهارة في تربية أبنائهن، فإن علينا أن نصوغ المجتمع من حولها ونصوغ عقليات الرجال والنساء والأسر ليتوقعوا منها ذلك. نحتاج إذًا لوعي اجتماعي عام بأن ما نفعله خطأ وأن الصحيح أن المرأة قادرة على كثير من الأمور لو ربيت على ذلك.

قبل سنوات سألت أحد طلبة العلم البارزين في حوار صحفي، وكان حينها وكيلا لوزارة الشؤون الإسلامية، عن توفير البدائل للمرأة في المجتمع السعودي حتى يكون لها نشاطات تختلف عن واقعها الحالي الذي يجعلها تدور بين البيت والسوق والمناسبات الاجتماعية، وكانت إجابته بأنه لا حاجة لهذه البدائل «لأن المرأة مشغولة عادة بخدمة زوجها أو أبيها أو أخيها أو أبنائها، فإذا بقي لها بعض الوقت بعد ذلك، فعليها أن تقضيه في حفظ قرآن أو ذكر أو غير ذلك من العبادات والطاعات».

هذا النص يمثل تلخيصًا للتوقعات الاجتماعية التي يراها الكثيرون في مجتمعنا من المرأة المثالية، وبسبب هذه الرؤية حصل التالي:

* لا توجد مراكز أنشطة للمرأة، فالمرأة إذا لم تكن موظفة، ونسبة الموظفات محدودة، فهي محدودة بمنزلها أو منازل أصدقائها أو الأسواق.
* لا يوجد في مدارس البنات تربية رياضية وجسدية لأن المرأة لا يتوقع منها أن تكون مهتمة بهذه الجوانب، إلا إذا كان ذلك للريجيم وإرضاء «توقعات» الزوج أو راغبي الزواج.
* لا يوجد للمرأة وجود في المؤسسة العسكرية، بينما كانت النساء في عهود السلف تتولى كامل الدعم اللوجيستي في المعارك من خلال توليهن العلاج والغذاء وغيرهما، وكانت بذلك شريكًا في الحروب، رغم ما يعنيه ذلك من اختلاط وسفر مع الرجال، حتى لو كانت غير متزوجة أو أرملة، فإن المرأة في عصرنا هذا لا يتوقع منها أن تكون جزءًا من الجانب الأكثر جدية من حياة الأمم.

* لا يوجد للمرأة وجود في المؤسسة الدينية، بينما كانت الصحابيات وعلى رأسها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يتولين الفتوى ويأخذ عنهن الرجال العلم، واستمر هذا الأمر لعصور طويلة، إلا أنني لا أعرف ما الذي حصل حتى اختفى النساء من جانب العلم الشرعي، غالبًا اختلفت توقعاتنا الاجتماعية، فصرنا لا نتوقع من المرأة أن تكون عالمة في الشرع، أو أن تفهم في الفتوى، وحتى تتأكد من ذلك اعرض صفحة فتاوى وهمية تحمل اسم امرأة في أعلاها كمفتية، واضحك على ردود الفعل.

* لا يتوقع من المرأة الكثير في جانب التربية، فالتربية يتولاها الرجل عادة، ولذا تحكم المحاكم الشرعية بالحضانة للرجل متى ما أمكن ذلك على أساس أنه أقدر على التربية. وإذا كان شاعرنا يتغنى بالمرأة المدرسة التي إذا ربيتها ربيت شعبًا طيب الأعراق، فإن الحقيقة أن آخر ما نربي الفتيات عليه هو أن يعرفن أصول التربية وكيفية بناء النشء وكيفية صناعة الأجيال.

* عندما انضمت الخادمات للأسرة كمكون أساسي لها انتهى دور المرأة كراعية للبيت، وهنا صارت المرأة بلا دور على الإطلاق، دورها التربوي محدود بسبب جهلها ودروها الاجتماعي ملغى، ودروها العلمي غير معترف به، ولم يبق لها إلا رسائل الجوال والتمشي في الأسواق وإنفاق الأموال.

* بسبب توقعاتنا الاجتماعية، تحول الكثير من النساء لمخلوقات ثرثارة غير مثقفة تتكلم بما لا يفيد في قضايا لا معنى لها، وتهتم بما تلبسه صديقتها أكثر من أي شيء آخر في الدنيا؛ لأننا قررنا أن هذا مقبول من المرأة وغير مقبول من الرجل. تحولت النساء لشخصيات فارغة غير جادة، لا دور لهن إلا ممارسة الضغط الاجتماعي على النساء الأخريات لتحقيق المزيد من الاستهلاك والشراء وتضييع الأوقات والحديث في التفاهات.

* حتى في البلاد العربية التي خرجت فيه المرأة للعمل بسبب الظروف الاقتصادية، بقيت التوقعات الاجتماعية قريبة من واقعها في المجتمع السعودي، فالمرأة موظفة غبية مزاجية هدفها تجميل المكتب وقضاء المهام الروتينية بمرتب قليل جدًا. ورغم وجود الاستثناءات فإن أكثر الوظائف القيادية للرجال وليس للنساء.

* بسبب التركيز الشديد على العفة والطهارة وتجنب الرجال، انقلب الأمر إلى عكسه، فصارت المرأة العربية لا تفكر في الرجل إلا كذكر، وصار الرجل لا يفكر في المرأة إلا كأنثى، وصار أي احتكاك بينهما له بعد جنسي بكل أسف. ومن يدرس في المجتمعات الغربية يرى أن هذا الأمر مختلف تمامًا، فمع وجود الانحلال الجنسي، إلا أن المرأة تشعر بالكثير من الثقة بنفسها في التعامل مع الرجل، ولا يستطيع كل رجل من حولها أن يشعرها بأنها غرض جنسي يستغله في لحظة ضعف مناعتها، كما هو التفكير المنتشر في كثير من الدول العربية.
إن الكثيرين يتحدثون عن الجوانب الإيجابية للانفتاح، وفي الحقيقة أن الانفتاح الذي يصنع وضعًا إيجابيًا هو ذلك الذي يعيد بناء التوقعات الاجتماعية، فيتوقع من المرأة حينها أن تكون مشاركة جادة في بناء المجتمع، جنبًا إلى جنب مع الرجل، مع أخذ كل الأبعاد القيمية في الاعتبار.

المجتمع العربي والمجتمع الياباني

أرجو ألا يفهم أحد من تركيزي على تفحص المجتمع الغربي في هذا المقال على أنني أطالب بنموذج شبيه بالنموذج الغربي، وخاصة أنه نموذج مليء بالمشكلات الاجتماعية، ولكنني أدلل فقط على أهمية التوقعات الاجتماعية ودورها الخطير في بناء المرأة ووظائفها في المجتمع.

أنا أبحث في الحقيقة عن وضع اجتماعي أقرب للمجتمع الياباني الذي استطاع أن يصيغ توقعات معتدلة توازن بين النظر للمرأة ودورها في المنزل والتربية ودعم الزوج وبناء الأسرة، ودورها كإنسان فعال وبناء في المجتمع. لقد انتقلت المرأة اليابانية في أقل من قرن من الزمن من امرأة «تعبد» زوجها حسب التقاليد اليابانية إلى امرأة تعمل بجد غريب يشابه جدية الرجل الياباني وتساهم في بناء المجتمع ضمن الأعراف المحافظة للمجتمع.

إنني أتمنى أن نصيغ توقعات مشابهة، توقعات تتعامل مع المرأة كإنسان جاد وذكي وقادر على العطاء في كافة المجالات، تمامًا كما كانت المرأة في عصورنا الأولى، وتماما كما هي في المجتمعات الأخرى. ولا أرى أن هذا صعب، فإذا حددنا التوقعات الاجتماعية الصحيحة من المرأة وتكاتفت المؤسسات السياسية والتعليمية والاجتماعية والدينية على تغيير قناعات الناس من حولنا لتحقيقها، فإننا عبر أجيال ثلاثة (كما تقول إحدى الدراسات) سنعيد صياغة المجتمع بالكامل.

حينها ستصبح لدينا امرأة عظيمة نفتخر بها..

٭ نقلا عن مجلة "المرأة اليوم" الإماراتية

5 comments:

رحــــيـل said...
26 November 2007 at 19:41

بنت مصر

بجد مقال فى الصميم
وجاااى على الجرح تمام
احنا مش واخدين حقنا خالص اه سابونا نخرج نتعلم
وادولنا حرية مزيفة
بس فعلا الحرية اللى بجد اللى نقدر نثبت فيها كيانا اللى ناخد فيها حقنا فى ان احنا نكون نفسنا
مش حد تانى زى ماهما عايزين

مش عارفه الوضع هيتغير امتى
لامتى هتفضل حاجات كتير منعملهاش عشان احنا بنات
مع انها لا غلط ولا حرام
لمجرد ان الولد ااقدر انه يقوم بيها عن البنت من وجهة نظرهم

فعلا مقالة جميله جدا
خالص تحيااااتى

monem75 said...
26 November 2007 at 22:24

بالفعل مقال جميل
واختيار موفق
أهنئك على حسن اختيارك

Anonymous said...
27 November 2007 at 19:23

اثبات حضور بس اخلص شغل وراجع علشان اعلق

Anonymous said...
28 November 2007 at 07:30
This comment has been removed by a blog administrator.
jejemam55@gmail.co said...
28 November 2007 at 19:04

مقال فعلا جميل
جزاك الله خيرا
بس كده قلبتى على الواحد المواجع

Back to Home Back to Top my fingerprint. Theme ligneous by pure-essence.net. Bloggerized by Chica Blogger.